مكي المغربي يكتب:- عودة الاسلاميين في السودان.. ضرورة أمنية عربية!

مكي المغربي يكتب:-
عودة الاسلاميين في السودان.. ضرورة أمنية عربية!
يا دوب أقرت كبريات مراكز الدراسات العالمية بأن العالم يتجه وبصورة نهائية وقاطعة نحو نظام متعدد الأقطاب، بل يضاف إلى الأقطاب، المستوى الثاني وهي المراكز.
ما حدث في إمريكا من إعادة (عقيدة مونرو) وهي إعلان حماية واشنطون على أمريكا اللاتينية، هو أصلا جزء من مشروع 2025 ولكنه تضخم بسبب القناعة بأن باقي العالم سيشهد اضطرابا في موازين القوى، والأولى تأمين المجال الحيوي القريب، وتوفير بدائل لسلاسل الامداد.
تعدد أقطاب العالم فيه ايجابيات وسلبيات، رويدا رويدا سيصبح الاستقلال سهلا بسبب تعدد الخيارات، وتضارب النفوذ، ولكن السلبيات قاسية جدا: ستزداد الفوضى إلى حين استقرار موازين قوى جديد ومعقد، بين أقطاب مثل الصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا والمانيا أو الاتحاد الاوربي اذا ظل باقيا، وغير ذلك من الدول القوية، تليها المراكز مثل تركيا والهند والتي غالبا ما تتحول إلى قطب، وهنالك دول ستتحالف أكثر مثل السعودية وباكستان، ووارد تحالف مصري-تركي-جزائري، ولذلك عالم متعدد الأقطاب يعني عملية متحركة وتفاعلات وليس وضعا ثابتا.
الأمر الأخطر هو أن سهولة الاستقلال ليس للدول بل للحركات والجماعات والكتل القبلية والاقاليم، إلا في حالة وجود جيش قوي ومنظم، ومخابرات فاعلة جدا وتصفير المليشيات تماما، وتجفيف السلاح بالكامل.
في السودان، لا بد من المضي قدما في اكمال التحرير وتعزيز الجيش السوداني، ولا بد من تفادي الوصاية الخبيثة بالصدام مع الاسلاميين، بل العكس هو المطلوب، يستحسن استعادة ضبط المصنع، صيغة ما قبل تغيير 2019 هي الأفضل دون تردد واجتهاد لأن محاولة تصنيع وتجميع وتوليف بدائل من المتسكعين في الفنادق فات الاوان عليها، المطلوب البناء على الموجود والعمل بمن حضر.
من جهة أخرى، تحتاج المنطقة الأفريقية لنظام اسلامي سني يستطيع التداخل مع حزام الساحل والقرن الافريقي والذي تعبث به قوى غربية واقليمية لتحويله حزاما ناريا من الارهاب، ولذلك -وباعجل ما تيسر- يجب تجميد أي خطط لاقصاء وتحجيم الاسلاميين في السودان وتحويلها الى تعاون عميق ومحكم. الأفضل إعلان هذا بوضوح من قبل الدول العربية المحورية، ويمكن ان يقابله موضوع الاعتذارات والمراجعات من الاسلاميين، وغير ذلك من الشكليات السياسية المطلوبة، حتى وإن كان الاعتذار يعتبر ‘خناثة سياسية’ ولكنه في سياق افتتاح فاصل جديد في التاريخ وللتبرير الخارجي لا بأس به.
موضوع المراجعات نوقش كثيرا، والصحيح أنه مطلوب من الجميع وليس الاسلاميين، بل بعضهم أوجب، ولكن لا بأس من تخصيص الاسلاميين للضرورة العاجلة لعودتهم، والبقية يراجعون على مهل .. إذ لا قيمة كبيرة لهم.
اذا رغبت الدول العربية تأمين الجانب الأفريقي من العبث الخطير، عليها بالسودان وبسرعة، والا فليعلموا أن نيجيريا انزلقت في شراكة مع اسرائيل في مكافحة الارهاب والنتيجة طبعا معروفة، زاد الارهاب وتحول الى موجات عنف ضد الكنائس والمسيحيين، لأن نيجيريا تداوت بالتي كانت هي الداء. وغير نيجيريا عدد من الدول .. إما اسرائيل مباشرة أو عبر الإمارات أو حليف آخر .. والطوفان قادم لا محالة.
من المعلوم أن النظام في السودان في نسخته الأخيرة كان يشكل حزام تأمين قوي وكان التعاون الاستخباري مع السعودية ومصر في قمته، بل قبل أشهر من اندلاع مظاهرات 2018 كانت هنالك عملية مصرية سودانية مشتركة في العمق الليبي المضطرب، حرر فيها جهاز المخابرات السوداني جنود مصريين محتجزين، ولو بحثتم في قوقل تجدونها، ومعها شكر من الجيش المصري العظيم للسودان، وهذه شهادة عظيمة (الرابط في التعليق)
لا أتردد في وصف من يعادي الاسلاميين -تحديدا- في السودان بالغباء وسوء التقدير، فالسودان له ظروف تختلف من مصر والخليج وكل المنطقة، هم في السودان رأسمال أمني وبشري واستراتيجي، واعادتهم للحكم ضرورة أمنية قصوى، والدعوة لغير ذلك جزء أساسي في مخطط استهداف الدول العربية وضرب المنطقة بالفوضى والتفكيك. عودتهم ليست تفضلا ولا مسايسة لهم الى حين أو (خدعة مكشوفة) استغفالهم الى وقت ضربهم، من هو الضارب ومن هو المضروب؟ ضعف الطالب والمطوب، فالجميع في عين العاصفة، والخيمة طارت، وقدور الطعام تبعثرت.
تصيبني بالقرف أفكار ساذجة ومتذاكية على شاكلة يجب أن يبقى الاسلاميين في الخفاء حتى لا يحرجونا، من أنتم؟ وهل أساسا في وجهكم مزعة لحم مما حدث بعد طردكم من بيوتكم ونهب أموالكم؟ وغير ذلك من الهرطقات. أي خفاء؟ وكأن الموضوع حفل زفاف دعا فيه الرجل عشيقته سرا، ليختلس النظرات ويضحك على زوجته.
هذا تفكير صبياني مراهق، نحن نتحدث عن حكم وفي السودان وفي مرحلة انكشاف كل شيء .. يكون سرا؟! .. وبالريموت كنترول .. رجاء احترمت عقولكم.
المطلوب هو مشروع إعادة الاسلاميين فورا وتكليفهم بالمهام المعقدة التي لا يستطيعها غيرهم، ولا يوجد غيرهم من الاساس يفهمها.
والا فالخطر سيجتاح المنطقة وستذكرون ما أقول لكم.










