يوسف محمد علي الناير يكتب: بين الغربي والتحدي تكتشف الفطنة

د.يوسف محمد علي الناير
يكتب:
بين الغربي والتحدي تكتشف الفطنة
يتحدث علماء السياسة والاقتصاد كثيرا عن ضرورة تطبيق الفدرالية في إدارة الدول خاصة في البلدان التي تتمتع بمساحات واسعة وجغرافيا متنوعة الموارد والثقافات، وذلك بهدف إحكام التخطيط وإدارة مصادر الموارد وتطويرها بالصورة التي تلبي حاجات المجتمعات. وقد تمكنت كثير من دول العالم التغلب على مشكلاتها والصعوبات الشائكة التي واجهت مسيرتها باستخدام الفدرالية نظاما للحكم وإدارة الشأن العام.
ومن أكبر العقبات والتحديات التي تواجه خبراء الفدرالية في حواراتهم هي عملية التنسيق بين مستويات الحكم الثلاثة، الاتحادي والولائي والمحلي، وتظل قضية تقسيم الموارد والسلطة بين هذه المستويات محل نزاع دائم الأمر الذي يجعل بعض المشروعات الاقتصادية والتنموية الاستراتيجية ضحية لهذا النزاع ، وعجز الحكومات في تطبيق هذا النظام ،مما يضع مناطق الانتاج تحت وطأة الفقر فتصبح غير قادرة على الوفاء بحاجات مواطن تلك المناطق مما يؤدي إلى تدهور الخدمات فتنشأ أزمات حادة تمسك بتلابيب المجتمع فتقوده مباشرة الى الصراع مع الحكومة وذلك حسب مستوى الحكم ،بل هناك نزاع مزمن بين مستويات الحكم نفسها خاصة بين الاتحادي والولائي وأحيانا بين المستويات الولائية بسبب الموارد والحدود الجغرافية. ولتوضيح رؤيتي حول هذا الموضوع وما نرمي إليه نأخذ مثلا لذلك، الطريق الغربي الذي يربط ولاية الخرطوم بولاية نهر النيل، هذا الطريق اكتسب أهمية وشهرة عظيمة في ظل أحداث ١٥ ابريل ٢٠٢٣م التي انطلقت شرارتها في ولاية الخرطوم وسيطرة الميلشيا المتمردة على بحري مما عطل طريق التحدي الذي يربط بين الولايتين .
وكثير من الناس لم يعرفوا الطريق الغربي ولم يسمعوا به إلا في هذه الظروف الشيء الذي يثير تساؤلات كثيرة وحائرة بشأن التخطيط لمثل هذه المشروعات . فالهدف الأساسي من التخطيط هو تنمية الإنسان وتطوير خدماته، ولن تأتى وتحقق جدوى التخطيط إلا في ضوء خطة تشغيلية محكمة وفعالة تراعي التوازن في توزيع مصادر الموارد وإدارتها . فبعد تحرير بحري وعودة خدمة طريق التحدي فإن الطريق الغربي سيواجه العزلة الخمول مما قد ينعكس سلبا على مواطني تلك المناطق التى تقع في تلك الجغرافيا، ومن المقترحات التي يمكن أن تطرح للنقاش والتداول بين الحكومة المركزية وولايتي الخرطوم ونهر النيل أن يخصص الطريق الغربي للشاحنات والجرارات الكبيرة ،وأن يكون طريق التحدي للبصات والحافلات السفرية والسيارات الصالون ،وأن تضع الجهات المعنية سياسات صارمة في التنفيذ وذلك لضمان الاستمرارية في توزان الموارد والتنمية . أما إذا ترك الأمر بدون تخطيط ورؤية علمية فإن مواطني الطريق الغربي سيواجهون صعوبات ومشكلات كبيرة في عملية تطوير منتجاتهم وتسويقها مما قد يؤدي إلى تدهور الخدمات، وضعف الاهتمام بهذا الطريق الاستراتيجي .